المتابعون

الفرق بين البحر واليم




استعمل القران الكريم البحر واليم وقد أثير سؤال عن الفرق بينهما
مع أنه قد يستعمل الكلمتين في مقامين متشابهين وذلك كما في قصة موسى مثلا فإنه مرة يستعمل البحر
ومرة يستعمل اليم

قال تعالى : {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } الشعراء63

وقال في فرعون: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ } القصص40

فلم ذاك ؟

أولا كلمة (يم) عبرية وسريانية (يما) وأكدية (يمو)
وقد ذكر ذلك اللغويون العرب وقد وردت كلمة اليم في القران الكريم ثماني مرات وكلها في قصة موسى
ولم ترد في غير هذه القصة وهو من لطيف الاستعمال فقد استعمل الكلمة العبرانية في قصة موسى وقومه وهم العبرانيون

أما كلمة البحر فقد استعملت في قصة موسى وفي غيرها من المواطن

قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } البقرة50
وقال: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } النحل14

ومن الملاحظ في استعمال هاتين الكلمتين أنه لم يستعمل اليم إلا في مقام العقوبة أو الخوف ولم يستعملها في مقام النجاة

قال تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } القصص7
وقال: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }طه39

وهذا في مقام الخوف:
وقال: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف136
وقال: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ }طه78
وقال: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ }القصص40

وهذا في مقام العقوبة

أما البحر فقد استعمله عاما في النعم وغيرها في بني اسرائيل وغيرهم
قال تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ} البقرة 164
وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأنعام97
وقال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً }الإسراء

وقد استعمل في مقام نجاة بني اسرائيل البحر ولم يستعمل اليم
لقد استعمل البحر في النجاة أما اليم فاستعمله في الإغراق والخوف ولم يستعمله في النجاة

قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }البقرة50
فاستعمله في النجاة
وفال: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }الأعراف138
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس90
وقال: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى }طه77
فاستعمل البحر للنجاة واليم للغرق
وقال: قال تعالى : {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63

وقال: فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{23} وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ{24} الدخان



4 التعليقات:

مدونة زيزو يقول...

اختي الفاضلة هنادي

اولا / اهنئك على هذه المدونة الرائعة بحق

ثانيا / الف شكر على هذا الموضوع الجميل وهذه المعلومات القيمة

بارك الله فيك

هنـــادي المحمادي يقول...

أهلا وسهلا أخي زيزو

شرفني مرورك وجزاك الله خيرا :)

محمد الحاتمي يقول...

أختي الفاضلة:
عندما يقرر الله عز وجل أنه أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فلنا أن نثق كل الثقة ونوقن بأن الله عز وجل لم يضع فيه مصطلحا واحدا "غير عربي". وما يتضح لنا جملة الباحثين في اللسانيات يوما بعد يوم أن اللغة العربية هي اللغة الأمر للبشرية التي تفرعت عنها لهجات ونتيجة التباعد المكاني والزماني، فقد باتت بعد حين كل لهجة لغة ... ومنها العبرية .. ومن الطبيعي أن يحتفظ قوم بمصطلحات أصلية "عربية 100%" فيما آل إلى لغة أخرى، وتوقف العرب عن إستخدام بعضها. ولما نجد مصطلحا في القرآن الكريم يقال لنا أنه "أعجمي" (سواء فارسي أو عبري أو غير ذلك) فلأن أصله عربي ظل مستخدما حتى بلوغ اللهجة إلى لغة عند الفرس أو سواهم، ولم يكن مستخدما بين العرب زمن نزول القرآن الكريم ... فذهب البعض (عن قصد/علم وبدون قصد/جهل)إلى التسليم بورود مصطلحات أعجمية في كتاب الله تبارك وتعالى ليكون مدخلا للتشكيك في أمر كتاب الله تعالى. يكفي أن تتصوري أن الله عز وجل لن يعجزه التعبير بلغة العرب ليذهب لإستعارة مصطلحات من لغة "غير عربية"، ذاك عجز لا يقع فيه إلا إنسان.

الموضوع طويل .. وعليك البحث فيما تبقى إن أردتي .. تحياتي

هنـــادي المحمادي يقول...

أخي الكريم
شكرا لتعليقك
انا لا أملك العلم الكافي للمناقشة في هذا الموضوع
وهذه المعلومة نقلتها من كتاب الدكتور فاضل السامرائي وهو عالم كبير في اللغة العربية في كتابه (من أسرار البيان القرآني )
أخذت بالنصيحة وبحثت في الموضوع ووجدت للعلماء ثلاثة أراء
الأول - يرى عدم وجود ألفاظ غير عربية في القرآن الكريم ، فهو منزل بلسان عربي مبين ، وقد نسب هذا القول إلى الإمام الشافعي ومن وافقه .
الثاني - يرى وجود ألفاظ غير عربيةفي القرآن الكريم كالمشكاة ، واليم ،والإستبرق ، وقد نسب هذا القول لابن عباس ومن وافقه .
الثالث - وهو منسوب للجواليقي ومن وافقه حيث حاول التوفيق بين القولين السابقين ، فذهب إلى أن القرآن الكريم فيه كلمات غير عربية باعتبار أصلها ، وليس فيه كلمات غير عربية باعتبار أن تلك الكلمات لم تم استعمالها في اللسان العربي صارت عربية ، وبناء على هذا التوفيق بين القولين يتضح أنه لا خلاف بينهما إلا باعتبار الحكم على الألفاظ غير العربية المستعملة في اللسان العربي ، وهل تظل بعد الاستعمال العربي لها على عجميتها ، أم تتحول إلى ألفاظ عربية بالاستعمال . والله أعلم

إرسال تعليق

تم تصميم القالب بواسطة : قوالب بلوجر عربية